محمـــد الدكـــروري يكتب/ كلمة سوء لا خير فيها

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، لقد حذرنا الإسلام من قول الكلمة الخبيثة، لإنها كلمة سوء لا خير فيها، وكلمة خُبث لا طيب فيها، وكلمة مسمومة لا نفع فيها فهي كالشجرة الخبيثة، أصلها غير ثابت، ومذاقها مر، وشكلها لا يسر الناظرين، تتشابك فروعها وأغصانها، حتى ليخيل للناظر إليها أنها تطغى على ما حولها من الشجر والنبات، إلا أنها في حقيقة أمرها هزيلة، لا قدرة لها على الوقوف في وجه العواصف والأعاصير، بل تنهار لأدنى ريح، وتتهاوى لأقل خطر يهددها إذ ليس من طبعها الصمود والمقاومة، وليس من صفاتها الثبات والاستقرار، إنها شجرة لا خير يرتجى منها. 

فطعمها مر، وريحها غير زاكية، فهي شر كلها، وخبث كلها، وسوء كلها، وكما أن الكلمة الخبيثة قادرة على أن تنتن بحرا بأكمله لو مزجت به فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله إن صفية امرأة وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجتة ” ويعني هذه الكلمة يا عائشة التي لم تعرفي خطرها ولا كبرها هذه الكلمة لو تؤخذ وتوضع مع ماء البحر لمزجته وغيرت ريحه أو غيرت طعمه او غيرت لونه، وهذه الكلمة التي تظنيها صغيره لو تمزج بماء البحر كله لغيرته من كبرها عند الله تعالى، ولقد أوصانا الإسلام بالكلمة الطيبة والقول الحسن، فبالكلمة الطيبة ندعو المخالفين الى الإسلام، وبالكلمة الطيبة نقدم النصح للآخرين، فنهدي بإذن الله ضالا، ونعلم جاهلا، ونرشد تائها. 

ونذكر غافلا حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “الدين النصيحة” وبالكلمة الطيبة نعلم أبناءنا احترام آباءهم وحقوق الوالدين والبر بهما ولين الجانب لهما، وبالكلمة الطيبة نتصدق على أنفسنا حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “الكلمة الطيبة صدقة” ونحسن للفقراء والمساكين، وبالكلمة الطيبة نبذل شفاعة حسنة ونبلغ أمانة وننفس كربة ونواسي مكلوما ونخفف عن مريض، وبالكلمة الطيبة نقدم رأيا صائبا ونقترح فكرة حسنة تنهض بأمتنا وترقى بمستوى شبابنا، بالكلمة الطيبة نبلغ آية ونروي حديثا وننقل فتوى تحيي سنة وتميت بدعة في مجالسنا ومراسلاتنا ومعاملتنا وتجارتنا وحضرنا وسفرنا، وبالكلمة الطيبة ننمي مواهب الناشئة من أبنائنا وبناتنا ونأخذ بأيدي الطلبة على مقاعد الدرس ببث روح الثقة والدعم المعنوي والهداية إلى الصواب. 

وهكذا تتأكد قيمة الكلمة الطيبة وأهميتها في حياتنا الدنيوية والأخروية فما تكلفة هذا الأمر غير تحريك اللسان والشفاه برضا الله عز وجل ؟ وكما أن للكلمة الطيبة أثر عظيم وفوائد في تأليف القلوب وكسب الثواب والأجر من الله وتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة ؟ وأمتنا دون سائر الأمم مدعوة للعناية بلغتها لغة القرأن الكريم ولسانها العربي المبين ما استطاعت إلى ذلك سبيلا لتحدث الكلمة الطيبة أثرها المنشود وتحقق سحرها وألقها، ومن أراد الجنة فله البشرى بحديث أبي مالك الأشعري المرفوع حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إن في الجنة غرفا يرى من في باطنها من ظاهرها، ومن في ظاهرها من باطنها، هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام” فاللهم اجعلنا ممن وصفتهم في كتابك الكريم بقولك سبحانك. 

“يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضلّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء” فالله الله فيما تقولون وما تنطق به ألسنتكم وأفواهكم حتى تكتب لكم كلماتكم في ميزان حسناتكم، فاللهم احفظ ألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة وقلوبنا من النفاق وجوارحنا من المعصية وارزقنا لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وقرة عين لا تنقطع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى