الدكـــروري يكتب: وأمرهم شورى بينهم

 

الحمد لله ذي الكبرياء و العزة والجلال تفرد سبحانه بالأسماء الحسنى وبصفات الكمال، أحمده سبحانه وتعالى وأشكره عظم من شأن حرمة المال وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا وسيدنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما خطر ذكره على بال وما تغيرت الأيام والأحوال أما بعد لقد قام النظام الاسلامي على مبدأ الشورى حيث قال الله تعالى ” وأمرهم شورى بينهم ” وأمرهم هنا يشمل كل مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والثقافية، وقد طبق المسلمون هذا المبدأ في العصور الإسلامية المختلفة محققين أعلى درجات المشاركة الشعبية في بناء السلطة والدولة والقرار السياسي، ولم يكتفي الإسلام بالدعوة إلى المشاركة في بناء السلطة والدولة.

بل جعل الناس شركاء في الثروة أيضا، ولايحق لأية سلطة مهما كانت قوتها منع المواطن من المشاركة الإقتصادية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار” وعندما تكون المشاركة السياسية قائمة على المشاركة الإقتصادية وتوزيع الثروة بصورة عادلة على أبناء الشعب تصبح هذه المشاركة عميقة الجذور، راسخة القواعد لا يمكن أن تلغيها أية قوة أو سلطة، لأن الشعب هنا هو المالك للثروة، وبما يمتلكه يستطيع أن يؤكد إرادته السياسية، وهذا ضمان لإستقرار البلاد وضمان لتوفر الأمن وإستتبابه وليست هناك أية قوة قادرة على خرق جداره السميك لأنه متجذر على أرض صلبة وعلى جسور متينة بين الدولة والشعب، وإن آثار الصلح بين الناس كثيرة وفوائدها كثيرة ومتعدده.

ومنها إزالة دواعي الحقد الإجتماعي بين الناس وإشاعة العفو والصفح بينهم وتنمية روح الإخاء والتعاون من أجل تحقيق الصالح العام، وبذلك تتفرغ النفوس بالمصالح بدل جدها وإنهماكها في الكيد للخصوم وهكذا تحل الألفة مكان الفرقة ويستأصل داء النزاع قبل إستفحاله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى” رواه مسلم، وأيضا ترسيخ ثقافة الصلح بين الناس ليعم على المجتمع الخير والأمن والإستقرار والإزدهار، وكذلك ثقافة الصلح والتصالح والعفو والتسامح تخلق أجيالا ينبذون التفرق والتمزق والخلاف فيعيش الجميع في تعاون وتراحم سعداء أوفياء، فإن المصالحة والإصلاح سبيل النهوض وطريق التقدم والأمن والإزدهار.

ولقد وعد الله تعالى عباده الصالحين المصلحين بتقليدهم وسام الإستخلاف الحضاري، فالوراثة الحضارية إنما تتحقق بالصلاح وإرادة الإصلاح، ذلك ان البقاء للأصلح، وليس البقاء للأقوى، فقال الله تعالى فى سورة الأنبياء ” ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون” فالصالحون المصلحون الذين يقربون بين النفوس المتشاكسة والقلوب المتنافرة ويسعون في سبل الخير وإصلاح ذات البين، هؤلاء هم أنصار الحق وحراس الفضيلة وبناة المجتمع السليم من الأمراض الإجتماعية الخالي من عوامل الفرقة والتشتت، فهذا الصنيع يستحقون من خلاله وسام الإستخلاف الحضاري، لأن العاقبة الحسنة تكون للصالحين المتقين، ولا ننسى أيضا المتصالحين الذين حطموا في أنفسهم أصنام الأثرة والأنانية وإنصاعوا طائعين لدعوة الله تعالي ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم بإيثار الصلح ونبذ الخلاف كل خير وعطاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى