نورهان نبيل تكتب عن عيد العمال: تقدير لجهود الماضي وتطلعات المستقبل

في كل عام، ومع حلول الأول من مايو، تتوقف عجلة العمل في العديد من دول العالم، ليس للراحة فحسب، بل للاحتفاء بشريحة عظيمة كان لها ولا يزال الدور الأكبر في بناء الحضارات وتقدم الأمم: العمال. عيد العمال ليس مجرد عطلة رسمية، بل هو يوم للتأمل في تضحيات العمال عبر التاريخ، وتقدير جهودهم الحالية، والتطلع إلى مستقبل أفضل يضمن حقوقهم وكرامتهم.
تعود جذور الاحتفال بعيد العمال إلى أواخر القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة، حيث تصاعدت المطالبات بتحسين ظروف العمل وتقليل ساعات الدوام التي كانت تتجاوز في كثير من الأحيان العشر ساعات يوميًا. كانت احتجاجات العمال وإضراباتهم بمثابة صرخة مدوية تطالب بالعدالة الإنسانية وظروف عمل لائقة. وقد بلغت هذه المطالبات ذروتها في أحداث “هايماركت” في شيكاغو عام 1886، والتي أدت في نهاية المطاف إلى ترسيخ يوم الأول من مايو كيوم عالمي للاحتفال بالعمال وتضحياتهم.
على مر السنين، تطور مفهوم عيد العمال ليصبح رمزًا للتضامن العمالي والنضال من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. إنه يوم تتجدد فيه المطالبات بتحسين الأجور، وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية، وضمان الحق في التنظيم النقابي والمشاركة في صنع القرارات التي تؤثر على حياة العمال.
في عالمنا المعاصر، لا تزال قضايا العمال تحتل مكانة محورية في التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. فمع التطورات التكنولوجية السريعة وظهور أشكال جديدة من العمل، تبرز تحديات جديدة تتطلب تضافر الجهود من الحكومات وأصحاب العمل ومنظمات المجتمع المدني لضمان حقوق العمال في ظل هذه المتغيرات.
في مصر، يحتل عيد العمال مكانة خاصة، حيث يمثل تقديرًا لدور العمال المصريين في بناء الوطن ونهضته. لطالما كان العمال المصريون قوة دافعة في مختلف القطاعات، من الصناعة والزراعة إلى البناء والخدمات. ويشهد هذا اليوم عادة فعاليات واحتفالات تؤكد على أهمية دورهم في مسيرة التنمية.
إن الاحتفال بعيد العمال في الأول من مايو هو فرصة لتجديد العهد بالعمل على تحقيق بيئة عمل عادلة ومنصفة للجميع. إنه تذكير بأن تقدم أي مجتمع يقاس بمدى تقديره واحترامه للعاملين فيه، وتوفير الظروف التي تمكنهم من العيش بكرامة والمساهمة بفاعلية في بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولوطنهم. فلنجعل من هذا اليوم مناسبة لتكريم الماضي، وتقدير الحاضر، والتطلع إلى مستقبل يزدهر فيه العمال وتزدهر معه الأمم.