نقاط الضعف والقوة وأسباب النصر والهزيمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين الحمد لله الكريم الوهاب، الحمد لله الرحيم التواب، الحمد لله الهادي إلى الصواب مزيل الشدائد وكاشف المصاب، الحمد لله فارج الهم، وكاشف الغم مجيب دعوة المضطر فما سأله سائل فخاب يسمع جهر القول وخفي الخطاب أخذ بنواصي جميع الدواب فسبحانه من إله عظيم لا يماثل ولا يضاهى ولا يرام له جناب هو ربنا لا إله إلا هو عليه توكلنا وإليه المرجع والمتاب، وسبحان من انفرد بالقهر والإستيلاء، واستأثر بإستحقاق البقاء، وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شيك له وأشهد ان محمد عبده ورسوله ثم أما بعد، إن بدراسة السيرة النبوية الشريفة يستعيد المسلمون ثقتهم بأنفسهم، ويوقنون بأن الله معهم وناصرهم، إن هم قامو بحقيقة العبودية، له والانقياد لشريعته.
وفيها يتلمس المسلم نقاط الضعف والقوة وأسباب النصر والهزيمة، وكيفية التعامل مع الأحداث وإن عظمت، فهذا هو النبي المصطفي أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه صلى الله عليه وسلم واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام، فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” إن لي أسماء، وأنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميّ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد ” متفق عليه، وعن أبي موسى الأشعري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال.
” أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة ” مسلم، وإنه رغم أن العدد والعدة مطلب شرعي، وهو مؤثر في نتيجة المعارك بمشيئة الله، إلا أنه من الخطأ الفادح الإعتقاد أن الأسباب من عدّة وعدد وغيرهما هي التي تجلب النصر، أو أنها فاعلة بذاتها في تحديد نتيجة المعركة، وقال ابن تيمية الإلتفات إلى الأسباب وإعتبارها مؤثرة في المسببات شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع” ومن خلال معركة مؤتة وغيرها من غزوات ومعارك علم المسلمون أن حروبهم مع عدوهم لا تحسم بكثرة العدد أو قوة العتاد وإن كانا مطلوبين، بل الفيصل فيها قوة الإيمان، وصدق التوكل على الله تعالى، والإخلاص في طلب الشهادة، واليقين بأن النصر من عند الله عز وجل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال شهدت مؤتة، فلما دنونا إقتربنا من المشركين رأينا ما لا قبل لأحد به من العدة والسلاح والكراع وهو إسم لجماع الخيل والديباج والحرير وهو ثياب من الحرير والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن أقرم يا أبا هريرة، كأنك ترى جموعا كثيرة؟ قلت نعم، قال ثابت إنك لم تشهد بدرا معنا، إنا لم ننصر بالكثرة” ومن الدروس والعبر من غزوة مؤتة هو رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، ويؤخذ ذلك من حزنه وبكائه عندما نعى الأمراء الثلاثة الذين إستشهدوا في المعركة، فقيل ” وعيناه تذرفان ” أي تدمعان، وفي هذا دلالة على مشروعية البكاء والحزن على الميت من غير نياحة ولا رفع للصوت، وكما أن من الدروس والعبر من غزوة مؤتة هو حب الصحابة رضوان الله عليهم للشهادة والموت في سبيل الله، وصبرهم وثباتهم.
وبذلهم وتضحياتهم، وقد ظهر ذلك في الأمراء الثلاثة وسائر الجند الذين كانت غايتهم الحرص على ثواب المجاهدين، والرغبة في نيل الشهادة لكي يكرمهم الله تعالي برفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في جنات النعيم، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شهداء مؤتة ” وما يسرّنا أنهم عندنا، أو قال وما يسرّهم أنهم عندنا” رواه البخاري، أي إنهم لما رأوا من الكرامة بالشهادة، فلا يعجبهم أن يعودوا إلى الدنيا كما كانوا من غير أن يستشهدوا مرة أخرى، وقال الإمام ابن حجر “أي لما رأوا من فضل الشهادة “.